نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : تراجع التضخّم لا يعني شيئا للمواطن أمام «جنون» الأسعار !, اليوم الخميس 6 مارس 2025 10:30 مساءً
نشر في الشروق يوم 06 - 03 - 2025
خلال شهر فيفري المنقضي سجّلت نسبة التضخم عند الاستهلاك تراجعا الى مستوى 5,7 % وفق ما ذكره اول أمس الاربعاء المعهد الوطني للاحصاء، بعد ان كانت في حدود 6 % خلال شهر جانفي وبعد ان ارتفعت بشكل كبير خلال عام 2023 وبداية 2024. غير ان هذا التراجع في نسبة التضخم لا يعني شيئا للتونسيين بما أنه لا يعكس حقيقة الأسعار التي تواصل ارتفاعها في مختلف المجالات وبشكل شبه يومي تقريبا وخاصة خلال المواسم الاستهلاكية والمناسبات والاعياد مثلما حصل في الأيام الأخيرة بمناسبة رمضان.
في ظرف عام أي مقارنة بشهر فيفري 2024 ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 7 %. ويعود ذلك بالأساس إلى ارتفاع أسعار لحم الضأن بنسبة 21,4 % وأسعار الخضر الطازجة بنسبة 18,7 % وأسعار الفواكه الجافة بنسبة 14,2 % وأسعار الأسماك بنسبة 13,4 % وأسعار الدواجن بنسبة 10,5 %. كما شهدت أسعار المواد المصنعة ارتفاعا بنسبة 5,2 % بسبب ارتفاع أسعار الملابس والاحذية بنسبة 9,7 % وأسعار مواد التنظيف بنسبة 4,8 % والخدمات بنسبة 5,1 % وأسعار خدمات المطاعم والمقاهي والنزل بنسبة 11,4 %..
ويؤكد ارتفاع مختلف هذه النسب أنه لا علاقة على أرض الواقع بين نسبة التضخم التي يقول معهد الإحصاء أنها تراجعت والأسعار التي يؤكد أنها ارتفعت. والحقيقة هو ان احتساب نسبة التضخم لا يكون باحتساب التطور الحقيقي للأسعار بل باحتساب نسق وسرعة تطورها من شهر إلى آخر أو من سنة إلى أخرى . وهو ما يجب توضيحه اليوم للمواطن حتى لا يقع الترويج لتراجع نسبة التضخم على انه تراجع في الأسعار وحتى لا تعتبر السلطات أن التضخم في تراجع وبالتالي فإن الأسعار تحت السيطرة أو في مستويات معقولة..
مهما تراجعت نسبة التضخم، ومهما كان نسق ارتفاع الأسعار من شهر إلى آخر او من سنة إلى أخرى بطيئا، فإن ما يهم المواطن هو الوضعية الحينية للأسعار ومدى تمكن مقدرته الشرائية من مجاراة ارتفاعها المستمر، خاصة في ظل ضعف المداخيل بالنسبة لفئات كثيرة، بما في ذلك الأجراء. وأكثر من ذلك فإن الاسعار التي سبق ان ارتفعت لا تتراجع أبدا رغم ان الأسباب التي دفعت الى الترفيع تزول احيانا، عكس ما يحصل في عديد الدول الاخرى حيث تخضع الأسعار لقاعدة العرض والطلب..
لا يجب على السلطات الاكتفاء بما تحقّق من تراجع في نسبة التضخم وغض الطرف عن الارتفاع المستمر للأسعار وعدم اتخاذ ما يلزم من إجراءات تجاهه . فتراجع التضخم أو غيره من المؤشرات والأرقام الاقتصادية والمالية الأخرى قد لا يعني شيئا للمواطن ما لم تنخفض تكاليف معيشته على أرض الواقع. فالأهم بالنسبة اليه هو توفر السلع في الأسواق وبيعها بأسعار معقولة وغياب مظاهر المضاربة والاحتكار والتلاعب بالأسعار التي تخرج أحيانا عن سيطرة السلطات الرقابية خاصة خلال المواسم والمناسبات الاستهلاكية وتنهك المقدرة الشرائية للمواطنين..
فاضل الطياشي
.
0 تعليق