نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وادي الأردن: شبح الخوف يخيم على مئات الأسر بعد سقوط سقف منزل, اليوم الجمعة 7 مارس 2025 12:54 صباحاً
سرايا - ما تزال ظاهرة تساقط أجزاء من السقف تتسبب بالمزيد من الوفيات والإصابات بين سكان مناطق وادي الأردن، والتي كان آخرها وفاة ثلاثينية يرجح أنها تعرضت لإصابات بالرأس بعد سقوط أجزاء من سقف منزلها صباح أمس.
عشرات الحالات لتساقط أجزاء من الأبنية سنويًا تفتح الباب أمام تساؤلات عن غياب دور الأجهزة الرقابية، إذ يرجح غالبية السكان حوادث سقوط الأسقف وتشقق الجدران إلى "نقص المونة"، على حد تعبيرهم، إضافة إلى العوامل الجيولوجية والمناخية التي تسرع من عمليات الهدم.
ويؤكد متضررون أن غالبية حوادث السقوط والانهيار لا تظهر سوى بعد مرور سنوات على البناء، موضحين أن الفقر وضيق ذات اليد يضطر معظم السكان إلى بناء المنازل دون مراعاة اتباع المواصفات القياسية اللازمة لتقليل الكلف، وآخرون يضطرون إلى التعاقد مع متعهدين غير مرخصين لإنشاء الأبنية بالتقسيط، وهو وضع لا يسمح لهم حتى بالرقابة على الأعمال.
ويؤكد عدد من السكان أن حالات السقوط تتزايد عادة كل شتاء مع الهطول الغزير للأمطار، إذ إن تراكم كميات كبيرة من المياه على أسقف المنازل يؤدي إلى زعزعة تماسكها عامًا بعد عام لتبدأ بالتساقط ككتل بعد ذلك، موضحين أن المنازل التي بنيت بدون تسليح وأسمنت جيد عادة تكون أكثر عرضة للهدم، خاصة بوجود عوامل أخرى مثل الرطوبة العالية والملوحة.
يبين المختار رشدي الدعيسات أن عمليات البناء في مختلف مناطق وادي الأردن متشابهة إلى حد ما، إذ عمد الآباء والأجداد إلى تثبيت قطع الأراضي التي يقيمون عليها من خلال إقامة أبنية أسمنتية لا تراعي متطلبات السلامة العامة، مؤكدًا أن معظم المنازل انهارت أو تساقطت أسقفها بسبب نقص كميات الأسمنت ورداءة الحديد المستخدم ونوعية الرمال ذات الملوحة العالية، والتي تراكمت جميعها مسببة مآس للأهالي.
ويضيف أن حالة الفقر التي يعيشها أبناء الأغوار أرغمتهم على اللجوء إلى البناء بالتقسيط، وهو أحد الأساليب المتبعة في المنطقة، يتمثل بدفع دفعة مقدمة لمعلم البناء وتقسيط الباقي على أقساط شهرية على أن يتسلم المواطن المبنى جاهزًا، الأمر الذي يسمح للمتعهدين باستغلال الحاجة والبناء بأقل الكلف التي توفر له هامش ربح أكبر، قائلًا: "للأسف فإن عمليات البناء في الأغوار لا تخضع لأي رقابة سواء من البلديات أو الأجهزة المعنية الأخرى".
وبحسب رئيس جمعية أم عياش الخيرية عيد العطيان، فإن غالبية السكان وحتى المقبلين على الزواج حديثًا يجهلون أمور البناء والمواصفات الواجب اتباعها، خاصة فيما يتعلق بالمواد والكميات المستخدمة، إذ إن همهم الوحيد هو أن يجمع شمل أسرته بين أربع جدران، مبينًا أن غالبية أهالي الأغوار يقومون بالبناء دون الرجوع للجهات المعنية، إذ إن اتباع الإجراءات الصحيحة سيكبدهم مبالغ هم في أمس الحاجة لها في أعمال البناء.
ويوضح أن عملية البناء تحتاج إلى تصريح من البلدية المعنية بالمباشرة بأعمال الإنشاء، وهذا يتطلب عمل مخططات للأرض والبناء المقترح من قبل مهندس، إضافة إلى رسوم ترخيص البناء بعد الانتهاء، مشيرًا إلى أن المواطن الذي يعاني أوضاعًا معيشية صعبة ويلجأ للاستدانة من البنوك لإنشاء منزل لا يملك من الوفرة ما يسمح له بدفع هذه الكلف، ما يضطره إلى اللجوء إلى متعهدين البناء.
ويرى متضررون أن التحدي الأكبر هو عدم قدرتهم على عمل الصيانة اللازمة للمنازل التي ظهرت عليها علامات التشقق والرطوبة، ما يبقيهم رهن الخوف من تساقط أجزاء من السقف على رؤوسهم وهم نائمون، لافتين إلى أن غالبية سكان هذه المنازل يخاطرون بأرواحهم، خاصة خلال فصل الشتاء للبقاء تحت هذه الأسقف ليتقوا البرد والأمطار ويحتجبوا عن أعين الناس، في حين يهربون للنوم في أفنية المنازل من الخوف.
الستينية فاطمة، التي تعيش أوضاعًا مأساوية خلال فصل الشتاء، تقوم بنشر الأواني الفارغة في أرجاء المنزل لجمع المياه التي تتسرب من السقف حال سقوط الأمطار، إلا أن أخوف ما تتخيله هو أن ينهار السقف، فالأوضاع المادية الصعبة لا تمنحها القدرة على تأمين كلف صيانته.
ورغم عدم وجود إحصائيات دقيقة لنسب الفقر في منطقة وادي الأردن، إلا أن مؤشرات عدد الأسر التي تتقاضى رواتب معونة وطنية مقارنة بعدد السكان تبين أن نسب الفقر تزيد على 30 %، ناهيك عن أعداد كبيرة من الأسر لا تنطبق عليهم الشروط المطلوبة للاستفادة من برامج الصندوق.
ويشير الأربعيني محمد حسن إلى أنه قام بإخلاء منزله حرصًا على حياة أبنائه بسبب حدوث تشققات في الأعمدة والسقف والجدران بالرغم من أن عمر البناء لم يتجاوز 15 سنة، مضيفًا أنه تكبد ديونًا طائلة لبناء غرفتين جديدتين ليعيش فيهما مع عائلته، إلا أنه الآن بات غير صالح للسكن.
أما حال أم محمد، فيعد أفضل من غيرها، برغم أنها تسكن مع أسرتها في غرفتين متهالكتين، مشيرة إلى أن معاناتها ومعاناة عائلتها تتفاقم خلال فصل الشتاء مع سقوط الأمطار، إذ تتسرب المياه عبر سقف إحدى الغرف، وهو ما يدفعهم للنوم في الغرفة الأخرى.
وتقول إن أشد ما تخافه هو أن يتهدم البناء إذا بقي على هذه الحال، لأنها ستجد عائلتها في الشارع، موضحة أن "الوضع المعيشي المتردي لها، وتراكم الديون على عائلتها، لا يمكنها من إجراء صيانة للمنزل"، ما يعني أن يظل شبح الخوف من انهيار السقف أو المنزل مسيطرًا عليها.
من جانبه، يؤكد الناشط الشبابي فايز الكبها أن ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في مناطق الأغوار جراء تدني الدخل، زاد من عدد المساكن الآيلة للسقوط، عدا عن وجود عشرات الأسر التي تعيش في براكيات من الحديد والقصب والبلاستيك، وتدني مستوى خدمات المياه والكهرباء فيها، ووجود أسر غير مشمولة بالتأمين الصحي، إلى جانب حالات إعاقات متعددة بين الأهالي، مشددًا على ضرورة النهوض بالواقع الاقتصادي لهذه العائلات، وتمكينهم من الوصول إلى حياة كريمة ومستقرة.
وكانت وزارة التنمية الاجتماعية قد بينت في استفسارات سابقة للغد أنها تتعامل مع حالات تساقط أجزاء من سقوف مساكن العائلات في العديد من المناطق، وتتزايد هذه الحالات في فصل الشتاء بسبب قدم بعض المساكن وتهالكها، أو بسبب سوء تصريف المياه عبر الأسطح، أو جراء ملوحة التربة كما هو الحال في مناطق الأغوار.
وأكدت أنها وعبر دورها الإنساني، معنية بإغاثة الأسر المتضررة بالاطمئنان على وضعها، ومساعدتها مساعدات عينية طارئة، كالوجبات أو المواد الغذائية والفرشات والأغطية والخيام ووسائل التدفئة، بغض النظر عن وضع الأسرة، كون معظم الحالات تكون طارئة، ومنها ما يحدث في ساعات متأخرة من الليل.
وبينت أنها ومن خلال مديرياتها تقوم بدراسة الحالات معتمدة على حجم الضرر الذي لحق بالمسكن، بناءً على تقرير من مديرية الدفاع المدني ولجنة السلامة العامة في كل منطقة، بالإضافة إلى وضع العائلات المادي، وماهية هذه المساكن، هل هي ملك للعائلة أم مستأجرة.
وبناءً على مخرجات الدراسة التي تجري للمساكن التي تعرضت سقوفها للانهيار الجزئي أو الكلي، وتطلب الأمر إخلاءها، تقدم مساعدة نقدية للعائلات لتمكينها من استئجار مسكن بديل لمدة ثلاثة أشهر بحد أقصى، بناءً على تعليمات الصرف المعمول بها ومحدودية الموارد المالية للوزارة كإجراء أولي، كذلك تدرج الأسرة ضمن طلبات الأسر المستحقة لصيانة مسكنها، أو إنشاء مسكن بديل في حال انطباق أسس وشروط مشروع مساكن الأسر الفقيرة عليها.
0 تعليق