نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اختيار محل نشاط الشركة: نقطة الانطلاق للنجاح, اليوم الأربعاء 5 مارس 2025 02:10 مساءً
نشر في الشروق يوم 05 - 03 - 2025
رغم تسارع التحول الرقمي في العالم اليوم، لا يزال للموقع الجغرافي للشركات تأثير جوهري على نجاحها. غير أن هذه الفكرة قلّما يتم تناولها، وهي تركز بالأساس على أهمية اختيار الموقع المناسب للشركة ومحل نشاطها الفعلي، لما له من أهمية إستراتيجية وتأثير مباشر على نجاحها بدءاً من زيادة عدد الحرفاء، وتوفر شبكات النقل المناسبة، وتجمعات اليد العاملة، والامتثال للمتطلبات التنظيمية والوفاء بالالتزامات البيئية. لذا، فإن الإلمام بهذا الجانب أمرٌ جوهري، لأنه يبرز الدور المحوري للقرارات الإستراتيجية بشأن محل نشاط الشركة، وتعزيز نمو القطاع الخاص وزيادة مشاركته في مختلف الأنشطة الاقتصادية. أجرى تقرير "الجاهزية لأنشطة الأعمال" الذي نشره الشهر الفارط البنك الدولي دراسة تحليلية شملت 50 اقتصاداً، من حيث تسجيل الممتلكات، وتراخيص البناء، والتصاريح البيئية فيما يتعلق بمحل نشاط الشركة، حيث تم تقييم مدى كفاءة الأطر التنظيمية، وجودة الحوكمة، وفاعلية تقديم الخدمات.
وتُظهر البيانات أن الاقتصادات التي تحقق أداءً جيداً في مجال تهيئة "المكان المناسب لأنشطة الأعمال والشركات" تشترك في سمات معينة مثل الحجية القوية لحقوق الملكية، وكفاءة إدارة الأراضي، فضلاً عن تبسيط إجراءات استخراج تراخيص البناء. وعلى سبيل المثال، تتصدر جورجيا القائمة بتحقيقها 83.01 نقطة من 100، بينما تحقق إستونيا 80.40 نقطة بفضل استفادتها من تطور أنظمتها الحكومية الإلكترونية. في نفس السياق، يؤدي تقديم الخدمات الرقمية إلى إحداث تحول جذري في الخدمات العامة المتعلقة بمحل نشاط الشركة، إذ يُقدَّم ما يقرب من 80% من الاقتصادات التي شملها المسح خدمات رقمية لتسجيل الممتلكات، وإصدار تراخيص البناء، والحصول على التصاريح البيئية.
وتتصدَّر أوروبا وآسيا الوسطى جهود تقديم الخدمات الرقمية، حيث تُطبِّق بلدان مثل إستونيا وجورجيا حلولاً رقمية شاملة. ولهذا التحول أهمية بالغة، حيث يُبرهن على الأثر الكبير للرقمنة فيما يتعلق باختيار محل نشاط الشركة. من ناحية أخرى، هناك تباين كبير في الأداء بين المناطق والأقاليم المختلفة، فلا تزال منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بحاجة إلى مزيد من التطوير. وفي المقابل، تبرز تجارب رائدة عالمياً في مجال رقمنة الخدمات العامة، حيث نجحت دول مثل كوستاريكا وإستونيا ونيوزيلندا ورواندا في تحقيق قفزات نوعية من خلال الجهود المستمرة والمنهجية.
عموما، تُسهِم الاقتصادات التي تُولي اهتماماً لجودة الخدمات العامة والشفافية في تسهيل إجراءات تسجيل الملكية، وإصدار تراخيص البناء، والحصول على التصاريح البيئية، مما يُمكِّن الشركات من العمل فاعلية أكبر. فالاستثمار في تحسين جودة الخدمات - سواءً من خلال المنصات الرقمية، أو تبسيط العمليات والإجراءات، أو تعزيز الوصول إلى المعلومات - لا يدعم بيئة الأعمال فحسب، بل يعزز أيضاً معدلات الامتثال للوائح التنظيمية. لذلك، يتعين على واضعي السياسات إعطاء الأولوية لتبني إجراءات ونُظم تتسم بالشفافية وقابلية التنبؤ وسهولة الاستخدام، بما يُسهم في الارتقاء بمستوى الخدمات المقدّمة لدعم الشركات في اختيار المحل المناسب لأنشطتها، في السياق ذاته، يُعد التحول الرقمي محفزاً للكفاءة والامتثال، ويؤدي إلى تحقيق تحسينات مُستمرة.
.
0 تعليق