هل تجد الهند "فرصاً بديلة" في خضم التوتر التجاري؟

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل تجد الهند "فرصاً بديلة" في خضم التوتر التجاري؟, اليوم الأربعاء 12 مارس 2025 10:06 صباحاً

يعوّل اقتصاديون في الهند على احتمالية أن تفتح الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب نافذة لتعزيز تنافسية الاقتصاد الهندي، إذ قد تدفع هذه السياسات الحكومة إلى خفض الحواجز التجارية، ما يحفز المنافسة الداخلية.

ومن شأن زيادة المنافسة أن تدفع الشركات الهندية إلى رفع معاييرها ومضاعفة استثماراتها في الكفاءة والإنتاجية، مما قد يسهم على المدى البعيد،  في تحسين جودة الوظائف وتوسيع القاعدة الصناعية.

ومن ثم ترى الهند فرصاً محتملة للاستفادة من التوترات التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، حيث تبحث الشركات الأميركية عن بدائل موثوقة لتوريد السلع، ما قد يعزز صادرات الهند في قطاعات مثل الصناعات الدوائية وتكنولوجيا المعلومات والمنسوجات وغير ذلك.

كما أن هذه الظروف قد تشجع بعض الاستثمارات الأجنبية على التوجه إلى الهند، خاصة من الشركات التي تسعى لنقل عملياتها بعيداً عن الصين، مستغلة العمالة الماهرة وتكاليف الإنتاج التنافسية.

ورغم هذه التوقعات، تبقى الطريق محفوفة بالتحديات، إذ ما زال على الهند تطوير بنيتها التحتية وتعزيز استقرار سياساتها الاقتصادية، لضمان جذب الاستثمارات بشكل مستدام.

ويرى خبراء أن الرسوم الجمركية قد لا تشكل مكسباً صريحاً للهند، بل قد تؤدي أيضاً إلى تباطؤ التجارة العالمية وارتفاع الأسعار، ما يفرض على نيودلهي التحرك بحذر وذكاء للاستفادة من أي فرصة قد تنشأ وسط هذه المستجدات.

ووفق تقرير لـ "إيكونوميك تايمز" فإن "تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع الرسوم الجمركية لا تشكل أخباراً سيئة بالنسبة للاقتصاد الهندي؛ لأنها تدفع الحكومة إلى خفض الحواجز التجارية، وهو ما من شأنه أن يحفز المنافسة والنمو.. وهذا هو رأي فيرال أشاريا، نائب محافظ البنك المركزي السابق، الذي يقول إن زيادة المنافسة تعني أن الشركات الهندية ستضطر إلى رفع معاييرها لمواجهة المنافسين العالميين".  وهذا بدوره يعني وظائف ذات جودة أعلى وقاعدة تصنيع أكبر، على حد قوله.

هدد ترامب بفرض تعرفات متبادلة على الدول اعتباراً من الثاني من أبريل، مما يعني فعلياً زيادة الضرائب على الواردات إلى الولايات المتحدة إلى نفس المستوى الذي يفرضه أي شريك تجاري على السلع الأميركية.

ويقدر خبراء الاقتصاد أن الهند ستكون واحدة من أكثر الدول تضرراً من التعرفات المتبادلة نظراً للفارق الكبير الذي يبلغ حوالي 10 نقاط مئوية في متوسط ​​الرسوم الجمركية على الواردات بين البلدين.

لكن -وفق التقرير- الحكومة الهندية اتخذت بالفعل خطوات لتخفيف التعرفات الجمركية، حيث أجرت تخفيضات كبيرة في فبراير، وناقشت خفض الضرائب على الواردات من السلع الأميركية التي تتراوح من السيارات إلى المواد الكيميائية والإلكترونيات.

وكان وزير التجارة والصناعة الهندي، بيوش جويال، في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي لإجراء محادثات مع نظيره الأمريكي هوارد لوتنيك ومسؤولين آخرين في إدارة ترامب بشأن اتفاقية تجارية متعددة القطاعات. كما قال الرئيس الأميركي يوم الجمعة إن الهند مستعدة لإجراء تخفيضات أعمق في التعرفات الجمركية.

سلاح ذو حدين!

خبير الاقتصاد الدولي، الدكتور علي الإدريسي، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

  • يمكن أن تشكل الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرصة لبعض الاقتصادات الناشئة، ومنها الهند، لتحقيق مكاسب اقتصادية غير مباشرة.
  • مع تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، تبحث الشركات الأميركية عن بدائل موثوقة لتوريد السلع والخدمات، ما يفتح الباب أمام دول مثل الهند لتعزيز صادراتها، خاصة في القطاعات التي تتقنها مثل الصناعات الدوائية، تكنولوجيا المعلومات، والمنسوجات.
  • الاستثمارات الأجنبية قد تجد طريقها إلى الهند أيضًا، حيث تسعى الشركات المتعددة الجنسيات إلى نقل عملياتها بعيداً عن الصين لتجنب الرسوم الجمركية الأميركية، ما يدفعها إلى البحث عن أسواق تتمتع بعمالة ماهرة وتكاليف إنتاج منخفضة، وهو ما توفره الهند.
  • هذا التحول في تدفق الاستثمارات يمكن أن يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل، وتقليل العجز التجاري مع الولايات المتحدة، وهو أمر ينسجم مع توجهات ترامب نفسه الذي لطالما طالب بتقليل الفجوة التجارية بين بلاده وشركائها.

ويضيف: الهند تدرك أن هذه اللحظة قد تشكل نقطة تحول، ولذلك تسعى إلى تحسين بيئة الأعمال، وتبسيط الإجراءات الجمركية، وتقديم الحوافز للمستثمرين؛ بهدف جذب أكبر قدر ممكن من الشركات التي تسعى للخروج من الصين.

ومع ذلك، تظل هناك تحديات، مثل الحاجة لتطوير البنية التحتية بشكل أكبر، وضمان استقرار السياسات الاقتصادية، وتعزيز العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة، لضمان أن تستفيد الهند فعليًا من هذه الفرصة.

ويشدد على أن الرسوم الجمركية التي يفرضها ترامب قد تكون سلاحاً ذا حدين، لكنها بالتأكيد تفتح نافذة أمام الاقتصادات الصاعدة مثل الهند لتوسيع نفوذها في الأسواق العالمية، شرط أن تتحرك بسرعة وذكاء لاستغلال هذه المستجدات لصالحها.

الشركات الهندية

ووفق أشاريا، الذي كان نائب محافظ بنك الاحتياطي الهندي بين عامي 2017 و2019، فإن:

  • الشركات الهندية الكبرى التي استفادت من الإجراءات الحمائية ستخسر بعض قيمتها في البداية، لكن الاقتصاد سيستفيد بشكل عام.
  • "في السوق التنافسية، لا ينبغي للشركات أن تحقق هوامش ربح ضخمة ما لم تكن هي المزود الأكثر كفاءة لتلك الخدمة أو السلعة التي تقدمها".
  • الشركات الهندية، وليس الشركات الكبرى فقط، قادرة على المنافسة مع الأفضل على مستوى العالم، لكن هذا يتطلب الاستثمار في الكفاءة والإنتاجية.
  • "ما لم نخضعهم لهذه المنافسة، فلن نرى أفضل ما لديهم".

وقبيل أيام، قال ترامب  الهند أبدت استعدادها لإجراء تخفيضات أعمق في الرسوم الجمركية، وذلك بعد انتقاده لنيودلهي بسبب فرضها رسومًا جمركية يرى أنها تضر بالأعمال التجارية الأميركية بشكل غير عادل.

وتعد واشنطن أكبر شريك تجاري للهند. ويصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 127 مليار دولار في العام 2023.

في السياق، نقل تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، عن الأستاذ الزائر في معهد دراسات جنوب آسيا في سنغافورة، راجا موهان، قوله "إن القيادة السياسية في الهند تدرك الاضطراب الذي أحدثه ترامب والفرصة المتاحة لإعادة صياغة علاقاتنا مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. وإذا توفرت الإرادة السياسية، فمن الممكن أن تبرم الهند قريبا هذه الاتفاقيات التجارية الثلاث التي من شأنها إعادة تشكيل علاقاتنا مع الغرب".

وبالفعل، وعد رئيس الوزراء الهندي بشراء المزيد من النفط والغاز الأميركيين ، رغم أن الهند لديها موردين أقرب وأرخص في الشرق الأوسط وروسيا. كما اتفق البلدان على إبرام الشريحة الأولى من اتفاقية التجارة الثنائية "المفيدة للطرفين ومتعددة القطاعات" بحلول الخريف.

ولكن الهند، التي حمت صناعاتها بشراسة منذ استقلالها في عام 1947، لديها بعض من أعلى التعرفات الجمركية المتوسطة في العالم، وسوف تكون تكلفة خفضها حساسة سياسيا، وخاصة في الزراعة، حيث يعمل ما يقرب من نصف الهنود. وقال محللون هنود إن المفاوضات قد تفشل، وهو ما قد يؤدي إلى فرض تعرفات جمركية انتقامية في أبريل.

تداعيات سلبية أوسع

على الجانب الآخر، يقول كبير الاقتصاديين في ACY، الدكتور نضال الشعار، لموقع اقتصاد سكاي نيوز عربية:

  • الهند تتجه لاستثمار تراجع الطلب في الأسواق الأوروبية، وتسعى لفتح أسواق جديدة للبضائع الأميركية، خاصة مع تصاعد الإجراءات الانتقامية التي ستجعل هذه البضائع أكثر كلفة.
  • دول مثل كندا والصين سبق أن واجهت سيناريوهات مشابهة.
  • لكن نيودلهي رغم سعيها لاستغلال الفوارق السعرية لصالح صادراتها، تتأثر أيضاً بالسياسات الحمائية الأميركية، حيث من المتوقع أن يتم نقل جزء من الإنتاج الأوروبي والصيني إليها.

لكن في المقابل، يرى أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي، حيث بدأت بتتبع المنتجات ذات الأصل الصيني وفرض رسوم جمركية مرتفعة عليها، كما حدث مع دول مثل فيتنام وكمبوديا والفلبين.

ويشدد على هذه السياسات الحمائية الأميركية قد لا تحقق فوائد كبيرة للهند أو غيرها من الدول، بل ستؤدي إلى تراجع حجم التبادل التجاري العالمي، مما سينعكس سلباً على الأسعار وسيتسبب في موجة تضخمية في العديد من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك.

كما يؤكد على أن الوضع لا يزال غير مستقر، حيث تصدر الإدارة الأميركية قرارات جديدة بشكل مستمر فيما يتعلق بالإجراءات الحمائية، والتي، برأيه، لن تكون مفيدة للتجارة الدولية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق