نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : سوريا بين التقسيم والحرب الأهلية, اليوم الاثنين 10 مارس 2025 10:30 مساءً
نشر في الشروق يوم 10 - 03 - 2025
تعيش سوريا على وقع مشهد سياسي وأمني معقّد، فمن جهة يستغلّ الكيان الصهيوني الواقع المهتزّ لقضم المزيد من الأراضي السورية في الجنوب والتوغّل داخلها، ومن جهة أخرى عاد شبح الحرب الأهلية الى الواجهة بسبب الأحداث الدموية التي حصلت في الساحل السوري.
الإدارة السورية الجديدة مطالبة وبأسرع وقت ممكن بضبط الامور السياسية وخاصّة الامنية لقطع الطريق على تقسيم البلاد وإدخالها في حرب أهلية ستأتي على الأخضر واليابس بحكم التنوّع العرقي الموجود داخل البلاد.
تأخّر الحوار السياسي ومن ثمّة تشكيل حكومة تضمّ كافة المكوّنات العرقية والسياسية ، من أجل بناء مستقبل حقيقي للبلاد عبر إنجاز دستور ومؤسسات دستورية تضمن حق الجميع ويشارك في ارسائها الجميع.
يتعلّل البعض بأن الظروف الأمنية لا تسمح الآن بتقديم الحل السياسي ولكن على العكس تماما الحوار السياسي هو الحل الأنجع لتخفيف التحديات الأمنية وتقليص منسوب التوتّر وإثارة النعرات.
على الحكومة السورية الجديدة أن تكون هي الضامن والحامي لكل الطوائف الموجودة داخل البلاد وأن تأخذ على عاتقها ارساء العدل والمساواة دون اي تفرقة او ضغينة او انتقام على أساس عرقي.
الأحداث الدامية التي شهدها الساحل السوري نهاية الأسبوع الفارط، مثال حي على إمكانية دخول سوريا في حرب أهلية كارثية، واللوم هنا مهما كانت الاسباب يعود الى الادارة السورية الجديدة.
الإدارة السورية الجديدة مازالت تحتفظ بقوات طائفية وغير منضبطة وتنتقم من خصومها على أساس طائفي، وهذا ما حدث تحديدا في الساحل السوري، حيث اندلعت الأحداث بسبب كمين لمجموعات مسلّحة موالية للنظام السابق ضدّ افراد أمن وجيش تابعين للإدارة الجديدة.
من حق الادارة الجديدة ان ترفع السلاح في وجه من يرفع السلاح ضدّها وهذا أمر محسوم، ولكن ليس من حقّها ان تنتقم ممّن رفعوا السلاح ضدّها بإعدام عائلات علوية بمن فيها نساء وأطفال وشيوخ، لأن هذه الامور تحديدا هي ما يغذّي الحرب الأهلية.
في الاطار ذاته ليس من حقّ من كان يملك جيشا جرّارا واستسلم وخلع بدلته وعاد الى منزله ابان النظام السابق، أن يرفع السلاح الآن ويتسبّب في هدر دم الأبرياء دون وجه حق.
هذه الفوضى والوضع الهش، وفّرت وتوفّر مناخا جيّدا للكيان الصهيوني من أجل ترسيخ وجوده في الجنوب السوري، تارة من بوابة حماية أمنه القومي وتارة أخرى عبر حماية الأقلية من الدروز.
وفي خطوة جديدة لزيادة نفوذه في المنطقة وسّع الاحتلال الصهيوني من وجوده في محافظات الجنوب السوري، حيث بدأ بتأسيس العديد من المناطق "الفارغة أمنياً" في إطار توسيع المنطقة العازلة بين البلدين منذ ديسمبر الماضي.
بواز بيزموت رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست الصهيوني قال بصريح العبارة الأسبوع الماضي إن "سوريا يجب أن تكون تابعة لنا تماما مثل الأردن بدون قدرات عسكرية"، مضيفا أن "دمشق يجب أن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة وسنضمن دخولها تحت سيطرتنا"، وأن سوريا "هي جسرنا للوصول إلى الفرات وسوف نصل إلى العراق وكردستان في المستقبل".
الهدف واضح إذن، وليس على الادارة السورية الجديدة الا التصرّف سريعا عوض توجيه سلاحها تجاه الأبرياء والاختباء وراء شماعة "فلول النظام السابق" لغض الطرف عن الانتهاك الصهيوني لسيادة سوريا.
بدرالدّين السّيّاري
.
0 تعليق