عندما أطلَّت جائحة «كورونا» على العالم، بدأت الحياة تتوقَّف، أُغلقت الأجواء والحدود بين العالم، وأصبح التنقل محدودًا، وهنا في المملكة كان الوضع مختلفًا، إذ وجَّه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بتشكيل فريق عمل للعمل على استعادة السعوديِّين من خارج المملكة، سواء مَن هُم في عمل، أو دراسة، أو رحلات علاجيَّة، أو سياحيَّة، أو غيرها بدون أي تكاليف، على الرغم من النفقات الماليَّة المضاعفة في هذه الظروف الاستثنائيَّة. وحصر فريق العمل المكوَّن من وزراء ومسؤولين، أعداد السعوديِّين الذين وصل عددهم إلى 100 ألف مواطن في (80) دولةً.. وكان مقترح الفريق الوزاري، أنْ يتم العمل على تسيير رحلات، وتجهيز الفنادق للحجز لمدَّة أسبوعين على حساب المواطن، لكنَّ سمو ولي العهد، كان له رأي آخر: «هؤلاء أبناؤنا، ونحن من أغلق الحدود، ونحن مَن يتكفَّل بكلِّ التكاليف».

وفي حلقة من برنامج «حكاية وعد»، على قناة «إم بي سي»، كشف بعض الوزراء ما دار في الكواليس.

في البداية قال وزير السياحة أحمد الخطيب: بتوجيه من سمو ولي العهد، تم تشكيل لجنة لإعادة السعوديِّين، وفي المنصَّة الإلكترونيَّة بلغ عدد الذين سجَّلوا فيها من المواطنين الموجودين خارج المملكة أكثر من 100 ألف مواطن في 80 دولةً، وبعض الدول لا يوجد بها أكثر من 3 أشخاص، تخيَّل المملكة ترسل طائرة لهم لإحضارهم حتَّى وإنْ كان عددهم قليلًا.

ويلتقط الحديث وزير الماليَّة محمد الجدعان قائلًا: أثار بعض أصحاب المعالي في لجنة إعادة السعوديِّين مشكلات المواطنين خارج المملكة في مختلف المهام والأسباب، قلنا نفعل مثل ما عمل غيرنا.. نوفِّرالرِّحلات الاستثنائيَّة، وكل مواطن يدفع ويركب مثل بقيَّة الدُّول مثل أمريكا، وأوروبا، وإذا عاد إلى المملكة يكون الحجر لمدَّة أسبوعين على حسابه.. قابلنا سمو ولي العهد، وعرضنا عليه الخطَّة، فقال الأمير: ما هو مناسب أنْ نقول للنَّاس ادفعوا، «هذول عيالنا ومواطنينا، قفلنا حدودنا لازم نرجِّعهم، ما هي غلطتهم.. عيالنا وبناتنا.. طلِّعوا لهم الطائرات -اللِّي ما يقدر يسكن وفِّروا له السَّكن خارج المملكة، ووفِّروا لهم ميزانيَّة للسَّكن والإعاشة، وإذا وصلت لهم الرِّحلات يُبلَّغُون بالعودة، وإذا رغب البعض في البقاء، فيكون على حسابه».

60 ألف سعودي بأمريكا

أمَّا الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفير خادم الحرمين الشَّريفين في الولايات المتحدة الأمريكيَّة فقالت: كان هناك (60) ألف سعوديٍّ في الولايات المتحدة، ما بين طلاب، وزوَّار، ورجال وسيدات أعمال.

كل الجهات كانت مجتمعة على مدار السَّاعة من أجل خدمتهم.. وأصعب تجربة أعتقد كانت لموظَّفي الخطوط السعوديَّة الذين يستحقُّون الشكر والتقدير على كلِّ ما قدَّموه للمواطنين؛ لأنَّه عند وصولهم إلى المطارات، ما كان يُسمح لهم بالنُّزول من الطَّائرة.

أمَّا وزير النقل والخدمات اللوجستيَّة صالح الجاسر فقال: لمَّا بدأنا التخطيط لعودة المواطنين، واجهنا تحدِّيًا؛ لأنَّ بعضهم في لوس انجلوس التي تُعتبر أطول رحلة طيران من المملكة (17) ساعة، ولابُدَّ أنْ يطير فيها طاقمان في الأحوال المعتادة.. لكن في هذه الأحوال الأمر مختلف، فحسب الخطة ممنوع نزول الطواقم، وإذا نزلوا فلابُدَّ من فترة حجز، وبالتَّالي تفشل الخطة تمامًا.. لذلك لابُدَّ من طاقم وآخر بديل، ومثلهم، واستكمال الإجراءات الاستثنائيَّة ومن ثمَّ المغادرة.

قرار حاسم

وفيما يخص دور القطاع الصحيِّ، خلال فترة الجائحة، أوضح وزير الصحَّة فهد الجلاجل، أنَّه مع قطع شوط كبير في التحصين بالمملكة، عُقد اجتماع ضم 15 وزيرًا، واستغرق 6 ساعات لمناقشة تخفيف الإجراءات الاحترازيَّة، مشيرًا إلى أنَّ دخول ولي العهد المفاجئ للاجتماع أثمر عن اتِّخاذ قرار حاسم بالمبادرة في تخفيف تلك الإجراءات، حيث قال سموُّه: «وش تخافُون منه.. فإنْ كان خوفًا من الفشل، فلدينا فرصةٌ للتَّراجع».

من جهته، أكَّد وزير الاتِّصالات والتقنية والمعلومات م. عبدالله السوَّاحة، أنَّ المملكة وضعت خلال عام 2020 أولويَّةً لرعاية ودعم المواطن، وذلك على الرغم من الهبوط الكبير في أسعار البترول، لافتًا إلى مقولة وليِّ العهد حينها: «ما فينا خير إذا لم ندعم المواطنِينَ والمقيمِينَ»، مشيرًا إلى أنَّ عام 2022 شهد أكبر نموٍّ في الناتج المحلي بنسبة 8%، وهذه ثمرة الاستثمار في الإنسان.