نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الدكتور نظير محمد عياد مفتي الديار المصرية لـ«صوت الأمة»: نشر الأخبار الكاذبة وترويج الشائعات من الكبائر ومحرمة شرعاً وهي من أخطر أساليب إثارة الفتن, اليوم السبت 8 مارس 2025 01:09 مساءً
الحوار بين طوائف المسلمين فريضة شرعية وضرورة إيمانية وليس ترفًا فكريًا
الإلحاد ظاهرة نفسية واجتماعية وثقافية ومعالجتها بتفنيد الشبهات والرد عليها بمنهج علمي
مركز الإرشاد الزواجي يساعد الأزواج على تجاوز الخلافات وتقليل حالات الطلاق ويقدم برامج تدريبية للمقبلين على الزواج
أمانة الفتوى تضم عدد من المفتيات يشاركن بفعالية في إصدار الفتاوى والإجابة عن استفسارات المستفتين
أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الديار المصرية، ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الفتوى لا تقتصر على بيان الأحكام الفقهية فقط، بل هي أيضًا وسيلة لترسيخ القيم الأخلاقية والاجتماعية في حياة الإنسان، فهي تذكره بأهمية الصدق والأمانة والعدل، وتحثه على البر والتسامح والإحسان إلى الآخرين. ومن خلال الفتوى، يدرك المسلم أن التديّن ليس مجرد أداء العبادات، بل هو أيضًا التزام بالقيم التي دعا إليها الإسلام، مما يجعله عنصرًا إيجابيًا في مجتمعه، مسهمًا في نشر الخير والفضيلة.
من هذا المنطق أجرت صوت الامة حواراً مطولا مع الدكتور نظير محمد عياد، تناول خلاله الكثير من القضايا والتفاصيل المرتبطة بالفتوى ودار الإفتاء ومواجهتها للعديد من الظواهر الاجتماعية المتعددة، سواء داخلياً وخارجياً.. وإلى نص الحوار..
نبدأ بالحديث عن علاقة الفتوى ببناء الإنسان؟
بكل تأكيد هناك علاقة وثيقة بين الفتوى وبناء الإنسان، كون الفتوى عملية فكرية متكاملة تسهم في بناء الإنسان روحيًا وفكريًا وأخلاقيًا، وتمكينه من العيش وفق تعاليم الإسلام بطريقة متوازنة. فالإنسان في رحلته الحياتية يحتاج إلى من يرشده إلى الطريق الصحيح، ويوضح له أحكام الدين وفق ما يتناسب مع ظروفه ومستجدات عصره، ومن هنا تأتي أهمية الفتوى كأداة مركزية في بناء الفرد والمجتمع.
كما أن إحدى أهم أدوار الفتوى هي توجيه الإنسان نحو التفكير السليم، فهي تعلمه أن الأحكام الشرعية ليست منفصلة عن الواقع، بل هي جزء من نظام حياتي متكامل. فالفتوى القائمة على أسس علمية راسخة تحفز العقل على التحليل والتأمل، وتجعله قادرًا على التمييز بين الصحيح والخطأ، وبين ما هو ثابت وما هو متغير، مما يحميه من الوقوع في براثن الأفكار المنحرفة أو المغلوطة.
والفتوى لا تقتصر على بيان الأحكام الفقهية فقط، بل هي أيضًا وسيلة لترسيخ القيم الأخلاقية والاجتماعية في حياة الإنسان، فهي تذكره بأهمية الصدق والأمانة والعدل، وتحثه على البر والتسامح والإحسان إلى الآخرين. ومن خلال الفتوى، يدرك المسلم أن التديّن ليس مجرد أداء العبادات، بل هو أيضًا التزام بالقيم التي دعا إليها الإسلام، مما يجعله عنصرًا إيجابيًا في مجتمعه.
وكيف تنسق دار الإفتاء مع المؤسسات الدينية الأخرى في هذا الشأن؟
تمثل المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، ودار الإفتاء، ووزارة الأوقاف، المرجعية الأساسية في توجيه الناس نحو الفهم الصحيح للدين، وتعزيز القيم الأخلاقية في نفوسهم. وهذا التوجيه لا يقتصر على الجانب الفقهي أو الإفتائي فقط، بل يمتد إلى مختلف مناحي الحياة، من خلال التأكيد على مفاهيم الوسطية، والتسامح، والعدالة، والعمل الصالح، وتعزيز روح المسؤولية المجتمعية لدى الأفراد.
من هنا، يأتي التنسيق المشترك بين هذه المؤسسات ليضمن انسجام الخطاب الديني، وتكامله، بحيث لا تتعارض التوجهات أو تتعدد الفتاوى بشكل يربك الناس، بل يكون هناك منهج موحد في التعامل مع القضايا الأخلاقية والمجتمعية، وفق رؤية شرعية واضحة تتماشى مع مقاصد الشريعة الإسلامية.
إذا انتقلنا إلى قضية أخرى، وهى نشر الإعلام الغربي الشائعات لخلق نوع من الاحتقان بين شعوب العربية والمجتمعات المسلمة، كيف تتعاملون مع هذه القضية؟
لا شك أن الإعلام الغربي، وخاصة بعض المنصات التي تتبنى أجندات معينة، يلعب دورًا محوريًّا في تشكيل الرأي العام العالمي، لكنه في كثير من الأحيان يوظف هذه القوة الإعلامية لنشر الشائعات والمغالطات التي تهدف إلى خلق حالةٍ من الاحتقان بين الشعوب العربية والمجتمعات المسلمة، سواء فيما بينها أو في علاقتها بدولها ومؤسساتها الرسمية. ومن أخطر هذه الأساليب، ما يُمارَس من انتقائية في تناول القضايا العربية والإسلامية، حيث يتم التركيز على زوايا معينة، وإغفال زوايا أخرى، بما يخدم أهدافًا خفية، ويؤدي إلى تشكيل صورة مشوهة أو غير مكتملة للواقع.
ودار الإفتاء المصرية تدرك خطورة هذه الحملات التي تستهدف تفكيك المجتمعات وإثارة الفتن بين الشعوب وحكوماتها، لذلك فهي تعمل على التصدي لهذه المحاولات عبر تفنيد الادعاءات المغلوطة، وتقديم خطابٍ دينيٍّ عقلانيٍّ ومتزنٍ، يوضح الحقائق بعيدًا عن التهييج أو الانفعال. لذا دعونا ولا زلنا دائمًا إلى ضرورة التعامل مع الأخبار والمعلومات المتداولة في الإعلام الغربي بقدرٍ عالٍ من الوعي، وعدم الانسياق وراء الدعايات المضللة التي تهدف إلى بث الفرقة والشكوك بين أبناء الأمة الواحدة.
وكيف تواجه دار الإفتاء الشائعات؟
تمثل الشائعات أحد أخطر التهديدات التي تواجه المجتمعات، حيث تؤدي إلى نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار، وتستخدمها بعض الجهات لتحقيق أهداف خبيثة، سواء بتشويه صورة المؤسسات الوطنية والدينية أو بإثارة الفتن بين أفراد المجتمع، ومن هذا المنطلق، تولي دار الإفتاء أهمية خاصة لمواجهة هذه الظاهرة عبر آليات متنوعة تشمل الفتاوى، والتوعية الإعلامية، والرصد المستمر، والمبادرات الفكرية، وذلك في إطار دورها الديني والاجتماعي في تعزيز الوعي والتصدي لمحاولات التضليل.
كما تحذر دار الإفتاء في فتاواها دائمًا من خطورة الاستماع إلى الشائعات وتصديقها دون التثبت، مؤكدة أن ترويج الأخبار الكاذبة ونقلها دون تحقق يعد من كبائر الذنوب لما له من أثر مدمر على الأفراد والمجتمعات. وتستند الدار في تحذيراتها إلى قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" [الحجرات: 6]، موضحة أن الاستماع للشائعات دون تحقق يؤدي إلى نشر الفتن وإحداث القلاقل بين الناس، وهو ما يخالف تعاليم الإسلام التي تدعو إلى التثبت والبحث عن الحقيقة.
وهل نشر الأخبار الخاطئة يدخل في إطار الشائعات وتعد من أدوات نشر الفتن؟
بلا شك.. فنشر الأخبار الكاذبة وترويج الشائعات من أخطر الأساليب التي تُستخدم لإثارة الفتن وزعزعة استقرار المجتمعات، وهو أمرٌ محرمٌ شرعًا، بل يعدّ من الكبائر لما يترتب عليه من أضرار جسيمة تلحق بالأفراد والمجتمعات على حدٍّ سواء.
وقد حذر الشرع الحنيف من هذا السلوك تحذيرًا شديدًا، لما فيه من تضليلٍ وإفسادٍ، ولما يؤدي إليه من تفكيكٍ للنسيج الاجتماعي، وبثّ الفرقة بين الناس، وإثارة الفوضى والاضطراب، وقد قال الله تعالى في محكم كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6]، وهذا توجيهٌ إلهيٌّ صريحٌ بضرورة التثبت من الأخبار قبل نشرها، لأن عدم التثبت قد يؤدي إلى ظلم الأبرياء، ونشر الفوضى، وخلق العداوة بين الناس.
هناك سؤال يتردد دوماً، وهو كيف تكون الفتوى كاشفة لحقيقة القضايا المجتمعية وتصحيح مفهومها الحقيقي؟
الفتوى تعد أداة لكشف الحقائق وتصحيح المفاهيم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا المجتمعية التي يتعرض فيها الإسلام للتشويه المتعمد، سواء من الجماعات المتطرفة التي تسيء إلى الدين من الداخل، أو من بعض الجهات التي تروج لصورة خاطئة عن المسلمين في الغرب، فيما يُعرف بظاهرة "الإسلاموفوبيا".
ومن هذا المنطلق، تؤدي دار الإفتاء، دورًا محوريًا في التصدي لهذه التحديات، ومن خلال مركز "سلام لدراسات التطرف والإسلاموفوبيا"، يتم العمل على مواجهة هذه الظواهر بآليات علمية مدروسة تعتمد على تحليل الخطاب المتطرف، ورصد الظواهر المغلوطة، وتقديم خطاب بديل قائم على التوازن والاعتدال.
هنا نحتاج لتوضيح حو دور الافتاء المصرية في نشر ثقافة الحوار بين المجتمعات المسلمة والغير مسلمة؟
تلعب دار الإفتاء دورًا محوريًّا في نشر ثقافة الحوار بين المجتمعات المسلمة وغير المسلمة، انطلاقًا من رسالتها الدينية والفكرية التي تقوم على ترسيخ مبادئ التفاهم والتعايش السلمي، ونبذ خطاب الكراهية والتطرف. ونحن في دار الإفتاء نؤكد أن الحوار ليس ترفًا فكريًا، بل هو ضرورة إيمانية ومبدأ أصيل في الإسلام، وقد أكدتُ ذلك خلال كلمتي في مؤتمر الحوار الإسلامي - الإسلامي الذي عُقد مؤخرًا في العاصمة البحرينية المنامة، حيث شددتُ على أن الحوار بين طوائف المسلمين يُعدّ فريضة شرعية لتحقيق وحدة الأمة.
ونعمل في دار الإفتاء على تعزيز ثقافة الحوار من خلال إصدار الفتاوى التي تدعو إلى التفاهم والاحترام المتبادل، وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تغذي التعصب والانقسام. كما نعتمد على البحث العلمي عبر مركز سلام لدراسات التطرف والإسلاموفوبيا، الذي يواجه الأفكار المتشددة التي تروج للعزلة والانغلاق، ويقدم دراسات تحليلية حول أفضل السبل لتعزيز التقارب بين الثقافات المختلفة.
أما على مستوى الحوار بين الطوائف والمذاهب الإسلامية، فقد دعوتُ خلال مؤتمر البحرين إلى ضرورة إنشاء رابطة عالمية مستقلة تعمل على التقريب بين المذاهب، بعيدًا عن أي أجندات طائفية. وأشرتُ إلى أن تحقيق الوحدة الإسلامية يستوجب تصحيح المفاهيم التي تم تحريفها، مثل مفهوم "الولاء والبراء"، الذي استغلته بعض الجماعات المتشددة لتبرير التكفير والعنف، في حين أن جوهره الحقيقي يدعو إلى التآخي ونصرة الحق دون إقصاء أو تمييز.
وما هو دور الافتاء المصرية في مواجهة ظاهرة الإلحاد؟
نحن في دار الإفتاء المصرية ندرك خطورة ظاهرة الإلحاد وتأثيرها على المجتمع، لذلك نعمل على مواجهتها بأسلوب علمي رصين يجمع بين التأصيل الشرعي والمعالجة الفكرية العميقة. لا شك أن الإلحاد ليس مجرد موقف فكري، بل هو ظاهرة لها أبعاد نفسية واجتماعية وثقافية، ولذا فإن معالجتها تستوجب فهمًا دقيقًا لدوافعها وأساليب التصدي لها بالحكمة والموعظة الحسنة.
في هذا الإطار، أنشأنا في دار الإفتاء وحدة الحوار التي تتولى مسؤولية مناقشة القضايا الفكرية المعاصرة، وعلى رأسها قضية الإلحاد. تعمل هذه الوحدة على تفنيد الشبهات المثارة حول العقيدة الإسلامية، والرد عليها بأسلوب يجمع بين المنهج العلمي الرصين ولغة العصر، بحيث تكون الردود قادرة على الوصول إلى الفئات المستهدفة، لا سيما الشباب الذين يتعرضون لأفكار مشوشة بفعل التأثيرات الثقافية المختلفة أو سوء الفهم لبعض القضايا الدينية.
ولا نكتفي في دار الإفتاء بمجرد إصدار الردود، بل نؤمن بضرورة فتح قنوات حوار مباشرة مع الشباب، والاستماع إلى تساؤلاتهم وشكوكهم، ثم تقديم الإجابات التي تراعي الجوانب الفكرية والعقلية التي تؤثر عليهم. ولذلك، فإن وحدة الحوار لا تقتصر على الردود النظرية، بل تسعى إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتعزيز المعرفة الدينية الصحيحة، وتوضيح أن الإسلام يقوم على العقلانية والتسامح، بعيدًا عن التشدد والانغلاق.
كما نحرص على استخدام وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لنشر المحتوى التوعوي الذي يرد على الأفكار الإلحادية بأسلوب عصري وجذاب، معتمدين على الدراسات العلمية التي تبين تهافت الفكر الإلحادي، مما يساعد على تعزيز اليقين والإيمان في نفوس الشباب.
إذا انتقلنا إلى مركز الإرشاد الزواجي بدار الإفتاء.. فما هو دوره في التصدي لظاهرة الطلاق؟
للأسف الطلاق أصبح من أكثر الظواهر المجتمعية انتشارًا مؤخرًا خاصة في السنوات الأولى من الزواج، ولذا فإنه إيمانًا من دار الإفتاء بدورها المجتمعي فقد أنشأت الدار مركز الإرشاد الزواجي، لتكون إدارة متخصصة في دعم استقرار الحياة الزوجية والتعامل مع المشكلات الأسرية بأسلوب علمي وشرعي متوازن.
ويهدف المركز إلى مساعدة الأزواج على تجاوز الخلافات وتقليل حالات الطلاق، من خلال تقديم استشارات متخصصة تستند إلى فهم عميق للجوانب النفسية والاجتماعية والدينية التي تؤثر في العلاقة الزوجية، بالإضافة إلى الجهود الوقائية التي يقوم بها المركز للحد من ظاهرة الطلاق، حيث يقدم برامج تدريبية للمقبلين على الزواج، تساعدهم على فهم طبيعة الحياة الزوجية ومتطلباتها، مما يسهم في تقليل نسب الطلاق المبكر.
ماهي الشروط الواجب توافرها في المفتية، تدريب الفتيات "السيدات "بدار الافتاء المصرية؟
تحرص دار الإفتاء على تمكين السيدات من أداء دورهن في المجال الإفتائي بفاعلية، ليكنّ قدوة في نشر الفكر الديني الصحيح، ومن أجل ذلك تقوم الدار بإعداد وتأهيل السيدات للعمل في مجال الفتوى وفق أسس علمية ومنهجية دقيقة، وقد نجحت الدار بالفعل في ضم عدد من السيدات إلى أمانة الفتوى، حيث يشاركن بفعالية في إصدار الفتاوى والإجابة عن استفسارات المستفتين، مما يعكس حرص المؤسسة على تعزيز دور المرأة في المجال الإفتائي.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، وضعت الدار مجموعة من الشروط والمعايير التي يجب توافرها في السيدات الراغبات في الالتحاق بمجال الفتوى، يأتي على رأسها المؤهل العلمي الشرعي، إذ يُشترط أن تكون المتقدمة حاصلة على شهادة شرعية من إحدى الكليات المعتمدة، مثل كلية الشريعة والقانون أو كلية أصول الدين، لضمان امتلاكها الخلفية العلمية اللازمة لفهم النصوص الشرعية والتعامل مع المسائل الفقهية بدقة، إلى جانب التأهيل الأكاديمي، تخضع المتدربات لبرامج تدريبية مكثفة داخل إدارة التدريب بدار الإفتاء المصرية، حيث يتم تعليمهن مهارات الإفتاء، وضوابط إصدار الفتاوى، وكيفية التعامل مع المستفتين.
0 تعليق